تويتر .. الطائر الأبله الذى ضحك على التدوين فى مصر
هل تصدقين أن ذلك الطائر الأبله .. خطف الجميع من التدوين ؟ قلتها لصديقتى الصحفية الأمريكية و إنفجرت ضاحكا ، و كأنها إلتقطت مربط الفرس لتقذفنى بقنبلة فى تسرع .. و هل هناك شيئا يتعلق بما يقدمه المدونيين من محتوى و بين هروبهم إلى تويتر ؟
سكت للحظات .. بعدها جاوبت : غبى و ضيق الأفق كل من يعتقد إن تويتر هو التطور الطبيعى للتدوين ، و من يعتقدون ذلك هم أكثر الناس واقعية فيما يتعلق بالحالة العامة للتدوين فى مصر. غريبة متناقضة و لكن سأشرحها بالتفصيل
تخيل معى ذلك البورعى فى مسرحية شاهد ماشافش حاجة .. ايه؟ سايبين الشقة كلها وقاعدين فى أوضة ؟ شقة كاملة بمنافعها و عدد لا بأس به من عفشات المياة .. عدد غير محدود من الكلمات و الحروف حرية الدخول على المعلومات .. صور .. تعليقات .. إلخ من كل تلك المتع التدوينية الغير محدودة .. ثم الهروب الكبير الى 140 حرف فى مجتمع أشبه بالكهف الذى يتحدث فيه الأفراد أحاديث أقرب إلى الشخصية ، و التى نستطيع ان نلخصها فى كونها تشبه كثيرا قهاوى وسط البلد التى يجتمع عليها المثقفون يتبادلون فيها ذلك الحديث النخبوى المنمق حول كل شىء و أى شىء مشترك بينهم
ما علينا مما سبق .. دعنا الأن ننظر للتويتر على انه التطور الطبيعى للتدوين - وهناك كتاب صدر مؤخرا يحمل عنوان شبيها لذلك و يؤيد تلك الفكرة - لكم هذا و أنا معكم ان تويتر هو المرحلة الأكثر تطورا للتدوين .. و لكنه التطور للتدوين بعد ما كان فيه و خلص
إنها حالة من التشطيب و فراغ الأفكار ، فما الذى يدفع الجميع لهجر التدوين إلا إن كانت أفكاره قد أصابها الفقر و تم تلخيصها فى 140 حرف فقط لاغير . . أدت إلى خسارة ذلك الوقت و المجهود و حرق الأفكار داخل بوتقة الحروف المحدودة على حساب محتوى المدونات الذى اصبح فقيرا مع مرور الوقت ، الأمر ليس محصورا على مجتمع التدوين المصرى ، فالعديد من الآراء العالمية نادت بنفس الفكرة ، و إن كانت مع الفارق فمصر بالفعل تحتاج إلى التدوين وتحتاج الى إستمرارية الحياة فى ذلك المجتمع
![]() |
كوميك ستريب عبقرى يشرح فى بساطة مراحل التطور التافه من المدونات لتويتر |
دعونا الأن ننظر للموضوع من وجهة نظر أخرى .. فالجميع يتمحك و يتمسك بالتجربة الإيرانية على تويتر أثناء الإنتخابات ، و أنا معهم أيضا ... تويتر أداة للأنتشار السريع للأخبار و البيانات القصيرة و الروابط إلخ فى شبكة كبيرة ينتظر فيها الجميع التحديثات أولا بأول ...و لكن هل فكرنا أولا بضرورة نشر تويتر حتى تتسع تلك الشبكة ؟ و قبل كل ذلك هل فكرنا بالأساس فى الشريحة المستهدفة من وراء كل ذلك - فرضياتى لمن يستخدمون التقنية لنشر ثقافة حقوق الأنسان و الداعمين للتغيير عبر الأنترنت - فى نظرة واقعية لتويترداخل مصر فإن أكثر مستخدميه المصريين هم بالأساس مدونيين قرروا نقل عزالهم و الإستقرار فى احضان الطائر الأزرق ليكون الأداة الجديدة لنشر تلك الأفكار الداعمة للديمثراطية و الراغبة فى التغيير و المدافعة عن حقوق الإنسان تماما كأيام التدوين الخوالى
ولكن هل إستطاعوا تحريك حملة لائقة بخالد سعيد (كمثال) عبر تويتر و جعله موضوع شائع يسهل الترويج له بعد تلك النقطة الفارقة فى تاريخ تويتر؟؟؟
وهنا تظهر القوة الحقيقية لذلك المجتمع الذى تصور إنه قوى .. فتويتر أقرب الى وحش عملاق لا يعترف إلا بالتكتلات العملاقة ايضا عن طريق تصنيفات متعددة تمكنك من إحراز ذلك الأنتشار الذى تسعى إليه .. عن طريق اللغة و البلد كمثال فأعداد المتحدثين العربية و المستخدمين من داخل مصر و الوطن العربى .. أعداد ساذجة بالمقارنة بإحدى ولايات أمريكا مثلا .. مما يقودنا مرة أخرى لحالة القهوة التى ذكرتها سابقا
و السؤال هنا .. لماذا يأخذ المستخدمون تويتر على محمل الجد ؟ بالطبع يجب أن تأخذه على محمل الجد فالثقة فى التكنولوجيا و الإستمرار فى إستخدامها و تعاطيها بشكل جيد أول الطرق لإنتشارها و الترويج لها تماما مثلما حدث مع المدونات داخل مصر .. و لنا هنا وقفة فى إختلاف ذلك الإنتشار إن كان مقدرا لتويتر الإنتشار مثل المدونات
يمكن تلخيص قوة مجتمع تويتر داخل مصر فى مثال بسيط .. بالرغم من الترويج لتويتر من خلال موقع يالا كورة الموقع الرياضى الاكبر فى الشرق الأوسط و إصرارهم على إرفاق رابط حسابهم على تويتر فى كل خبر رياضى بالموقع فإن عدد المتابعين لهم على تويتر لا يتجاوز ال 600 متابع .. و تلك هى النقطة التى يمكن على اساسها تقييم ذلك المجتمع .. فمن المفروغ منه ان مجتمع المتابعين للرياضة و كرة القدم بشكل خاص هو المجتمع الأكبر على الأنترنت وفى المجتمع المصرى بوجه عام .. إذن إنهم لا يكترثون لتويتر .. بعكس المدونات التى هى أقرب لموقع له متابعينه و جماهيره الخاصة التى كانت تتسع قاعدتها يوما بعد يوم نتيجة لما يقدمونه من محتوى و نتيجة طبيعية لذلك الزخم الإعلامى حول المدونات
الملخص : إن كنت تأمل فى التغيير عبر الأداة الإعلامية الوحيدة المسموح للجميع بالتحرك داخلها فقط - الإنترنت - فلا تحمل تويتر ما لاطاقة له به ، هو فقط أداة ثانوية أقرب الى كونها نخبوية .. لن ترتقى أبدا لقوة المدونات و من الظلم عقد تلك المقارنة خاصة داخل مصر ـ و من السذاجة ان يحاصرنا النظام الديكتاتورى لمبارك داخل الأنترنت ثم المدونات .. ثم نحاصر أنفسنا إختياريا داخل التويتر